وانتهى موسم الحـــــــــــــــــــ1446ـــــــــــــــــــــــج بأمان

-
وهاهم حجاج بيت الله الحرام ( يُتِمون ) نُسكهم في يسرٍ وسهولهٍ ، وأمنٍ وأمان ، قد سَكبوا عبراتهم على صعيد عرفات ، وعند المشعر الحرام ، وقد أزدلفوا في تلك البقعة الطاهرة ، ثم رموا ، وضحوا ، وحلقوا ، وطافوا ، وما هي إلا ساعات قلائل وتبدأ جموعهم بالمغادرة ، وقد توسلوا إلى خالقهم أن يجعل حجهم مبروراً ، وسعيهم مشكوراً .
فبحمد الله وفضله، اختتمت مناسك الحج لعام 1446هـ (2025م) بسلام وأمان، وسط أجواء روحانية عامرة بالإيمان، وتجربة إيمانية لا تُنسى لملايين الحجاج الذين توافدوا من مختلف أنحاء العالم لأداء ركن الإسلام الخامس.
يا راحلين إلى منىً بقيادي هجرتُمُ النومَ وهانَ السُّهادُ
سرتم وسارَ دليلُكم يا سعدكم لفُؤادِكم قد هزَّني إيرادُ
– الإمام الشافعي
ويُعد نجاح موسم الحج لهذا العام ثمرةً لتضافر الجهود بين مختلف الجهات الحكومية والخدمية، تحت مظلة رؤية المملكة العربية السعودية في خدمة ضيوف الرحمن. فقد شهد الموسم تطبيقًا دقيقًا للإجراءات التنظيمية والصحية والأمنية، إلى جانب تقديم خدمات تقنية ولوجستية متقدمة سهّلت أداء المناسك بيسر وسكينة.
وتترجم جهود المملكة لخدمة ضيوف الرحمن ، فمنذ تأسيسها، جعلت المملكة العربية السعودية خدمة الحجاج والمعتمرين أولوية دينية ووطنية، وتجسدت هذه الرؤية بأبهى صورها في موسم الحج 1446هـ. فقد وفرت المملكة منظومة متكاملة من الخدمات، اتسمت بالدقة، والابتكار، والإنسانية، ومنها :
. البنية التحتية المتطورة: تطوير المشاعر المقدسة من حيث التوسعة، الطرق، وأنظمة النقل الجماعي، خاصة قطار المشاعر الذي سهل تنقل الحجاج بين منى، مزدلفة، وعرفات.
. الخدمات الصحية الشاملة: أكثر من 25 مستشفى و150 مركزًا صحيًا، مزودة بأحدث الأجهزة، إضافة إلى فرق ميدانية متنقلة، ومستشفيات ميدانية للطوارئ.
. التحول الرقمي: إطلاق العديد من التطبيقات الذكية مثل “نسك” و”تروية” و”الخرائط التفاعلية”، لتوجيه الحجاج ومساعدتهم بلغات متعددة.
. خدمة الأمن والسلامة: مشاركة مئات الآلاف من رجال الأمن لتنظيم الحشود، مع تفعيل تقنيات المراقبة الذكية والطائرات بدون طيار لضمان الانسيابية ومنع التكدسات.
. رعاية خاصة للحجاج كبار السن وذوي الاحتياجات: عبر توفير عربات كهربائية، مسارات خاصة، ومرافق صحية مؤهلة.
. مبادرة “طريق مكة”: التي بدأت منذ سنوات، وسهّلت إجراءات الحجاج من بلدانهم مباشرة، بما يشمل ختم الجوازات وفحص الأمتعة.
سخَّرت المملكةُ الجهودَ لأجلهم جُندٌ بها قد أخلصوا الأداءَ
من كلِّ ركنٍ تنطق الآلاتُ لهم ترجو رضا الرحمن في الأحياءَ
إنها رحلة إيمانية لتجديد العهد مع الله ، فلم يكن الحج لهذا العام مجرد أداء للفرائض، بل كان رحلة روحانية عظيمة استشعر فيها المسلمون من شتى البقاع وحدة الصف الإسلامي، وتجدد العهد مع الله بالتوبة والطاعة، في لحظات تختلط فيها الدموع بالدعاء، والمشقة باليقين .
وفي مشاهد مهيبة على صعيد عرفات، وتكبيرات تزلزل المشاعر في مزدلفة ومنى، ختم الحجاج مناسكهم بالأمل في القبول والرجاء في العودة مغفور الذنب، كيوم ولدتهم أمهاتهم.
ولمَّا تقضَّوْا مِن مِنًى كلَّ حاجةٍ ☆☆ وسالتْ بهمْ تلكَ البِطاحُ تقدَّموا
إلى الكعبةِ البيتِ الحَرامِ عشيةً ☆☆ وطافُوا بها سبْعًا وصَلوْا وسَلَّمُوا
إننا نتوجه بالشكر العميم لله أولاً ، ثم لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك / سلمان بن عبد العزيز ، وولي عهده الأمير / محمد بن سلمان، وإلى كافة العاملين على خدمة الحرمين الشريفين، من كافة قطاعات الدولة العسكرية والمدنية ، والصحة، والمتطوعين والمرشدين، وكل من ساهم في نجاح هذا الموسم المبارك .
وختامًا : بانتهاء موسم الحج، يتجدد الأمل بأن تظل هذه الشعيرة مصدر وحدة للمسلمين، ومناسبة للتسامح والسلام، ودرسًا سنويًا في الصبر والإخلاص والتجرد لله تعالى.
ولمَّا دَنا التوْدِيعُ منهمْ وأيْقنُوا ☆☆ بأنَّ التدَانِي حبْلُهُ مُتَصَرِّمُ
ولمْ يبقَ إلا وقفةٌ لِمُوَدِّعٍ ☆☆ فلِلهِ أجفانٌ هناكَ تُسَجَّمُ
أوَدِّعُكُمْ والشوقُ يُثنِي أعِنَّتِي ☆☆ وقلبيَ أمْسَى فِي حِماكُمْ مُخَيِّمُ
فيَا سائِقينَ العِيسَ باللهِ ربِّكمْ ☆☆ قِفوا لِي على تلكَ الرُّبوعِ وسَلِّمُوا
نسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم، ويُعيدهم إلى أوطانهم سالمين غانمين، وأن يُديم على هذه البلاد المباركة أمنها ووحدتها وقادتها واستقرارها ورخائها وجميع بلاد المسلمين .
بقلم / مفرح حبسان العمري
اكتشاف المزيد من صحيفة صوت الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.