المقالات

*الصداقة كنز لا يفنى* 

محمد مبارك البريكي

-

الصداقة بحرٌ من بحور الحياة العميقة، هي كنزٌ من كنوز الدنيا إذا امتلكناها امتلكنا كل شيء، وهي علاقة بين شخصين أو أكثر تقوم على الحب والمودّة والاحترام، والصديق هو بمثابة الأخ الذي لم تلده أمك، بل ولدته لك الظروف والأيام، قيل قديمًا: “اختر الصديق قبل الطريق”.

الصداقة بمثابة السراج الذي يُنير لنا عتمة الطريق، ويجعلها واضحةً ممهدةً لنا للمشي عليها، فوجود الصديق ليس نوعًا من الترف، بل هو شيء أساسي في حياة الأفراد صغارًا كانوا أم كبارا، وصديقي هو حافظ سرّي، ساتر عيبي، ناصح لي، ملتمس لي العذر، وهو مصدر سعادتي وفرحي.

الصديق مرآة صديقه، إذ قيل: “قُل لي مَن تُصاحب أقل لكَ مَن أنت”، وهذا إن دلّ على شيء، فإنّما يدل على مدى تأثير الصديق على صديقه، فأنت تُقلّد صديقك في طريقة كلامه ومشيته وحديثه وتسريحة شعره ولباسه وأخلاقه وعلمه وأدبه ودينه، لذا عليك التريّث كثيرًا عند اختيارك للصديق، والبحث عن صديق قريب من سنّك، يُشبهك في الأخلاق، طيّب السمعة بار بوالديه. أهمية الصديق تكون بأنّه يقف معك في السرّاء والضرّاء، يقبل عذرك، يُرشدك إلى طريق الخير والصلاح، يحثّك على طاعة الله والقيام بواجباتك الدينيّة، فتشعر بالسعادة والراحة النفسية معه؛ لأنّه داعم ومهتم بك، يُسرع لمساعدتك إذا احتجته؛ لذلك فالصديق المثقف سينقل العدوى لصديقه، والصديق المهمل اللامبالي المتكاسل سينقل ذلك كله لصديقه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : “المرءُ على دينِ خليلِه فلْينظرْ أحدُكم من يخاللْ”. الصداقة وثاقٌ متين في حياة الفرد الأصدقاء هُم الوثاق المتين في السرّاء والضرّاء، فالصديق هو الأخ والسند وقت الشدة، وهو رفيق الدرب الذي ليس لنا عنه غنى، وهو الصديق الوفي الحقيقي الذي يأخذ بأيدينا إلى الجنة، وهو ذلك الشخص الذي يُضيء لنا ظلمة الأيام، ويُضفي البهجة على القلوب والأرواح. إذا أخطأنا في اختيار الصديق الوفي والحقيقي، فإنّ ذلك سينعكس حتمًا على سلوكنا وأخلاقنا وحياتنا بالعموم، فقد نكتسب منه بعض الصفات السيئة، مثل: النفاق والكذب والظلم، وهذا سُيبعدنا عن تربيتنا وأخلاقنا التي تربينا عليها.

كما أنّ الصداقة لها آثار إيجابية على المجتمع، فهي تزيد من الألفة والمحبة والتعاون بين الناس، ولا يشعر الفرد أنّه وحيد، فيتفاعل مع الآخرين، مما يُحقق السعادة، كما أنّ للصداقة شروطًا تجعلها مهمة للغاية، مثل: الصدق والاحترام والدعم، وصفات الصديق الحقيقي هي بأن يكون داعمًا حقيقيًا، وهذا ما يجعل الصداقة عظيمةً وكنزًا لا يفنى أبدًا.

إن الصداقة تعلم الإنسان التسامح والغفران، فيحدث الكثير من المواقف بين الصديق وصديقه، ولكن مع العتاب والتسامح فتجعل كل واحداً منهم يتعلم كيف يصبح متسامحاً بل، ويبدأ بالصلح في بعض الأوقات.

إن الصداقة في العمل تجعل كل شخص يقدم خبراته السابقة للأخر ليجعل منه شخصاً محبوباً ومتميزاً في العمل، ولهذا فالصداقة تحقق الكثير من المكاسب الحقيقية.

إن الصداقة تعمل على بعد الإنسان عن أن يسير وفق الأحاديث أو الطرق الغير أخلاقية، فيقوم الصديق بجعل صديقه يبتعد عن أصدقاء السوء، حتى وإن لزم الأمر أن يبعده بمحاولات كثيرة، وليس بالنصيحة فقط.

الصداقة روحان في جسدين، والصداقة هي تقبل الآخر، بالرغم من كل الظروف، هي بحر النجاة والصدق، هي طاقة لا يُمكن للإنسان العيش من غيرها، هي كلمة تحمل معاني كثيرة لا يُمكن التعبير عنها، هي نعمة من الله والوجه الآخر للحياة..


اكتشاف المزيد من صحيفة صوت الوطن

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com