المقالات

سوق الاثنين ..الوجه الآخر

محمد الفقيه الشهري

في حضارة الشعوب هنالك نقطة ارتكاز تعد منطلقاً لتاريخهم وثقافاتهم وتطلعاتهم، وحينما نُقلّب أوراقَ التاريخِ نجدُ أن شعبيةَ الأماكنِ التي تمتلئ بالذكريات ، والتفاصيل الحية عبر الأزمنة ، هي تلك الأماكن الخالدة في روح الحياة ، والتي تغرق كثيراً في ذاكرة الإنسان وتاريخه، وتعد الأسواق – منذ قرون- هي الملتقى الإنساني الأكثر شموليةً في حياة الناس ، ونقطة ارتكازهم في إحياء ثقافاتهم وأيامهم ولحظاتهم ، فليست كما يبدو لنا أنها مجرد حركة تجارية تعلو فيها أصوات الباعة ، وتتزاحم فيها الخُطُوات، وتتقارب دكاكين التجار وأبوابهم منذ أن كانت خشبيةً بأقفالها السوداء، بل تعد ساحةً اجتماعيةً تحضر فيها الوفود وتُشرّعُ فيها الأحكام وتُسَنُ فيها القوانينُ وتُنقلُ فيها الأخبار ويتعاهدُ فيها الناس على معرفةِ أحوالهم وحياتهم، سوق الاثنين تُعد واحدةً من هذه الأسواق التأريخية التي عاصرتِ الكثير من هذه الملامح من خلال مشاهدِ التحول في الحراك المجتمعي ، وحتى التطور الذي كاد في سنواتٍ مضت أن يجثته من جذوره وتاريخه ليغيّر وجهته ومكانه ، فقاومَ كل تلك التحولات ليبقى ثابتاً بتاريخه وحضارته وأيامه!
ولأن سوق الاثنين يعد منطلقاً رئيساً لثقافة البقاء في ذاكرة الحياة التهامية هُنا ، فقد مرّ بكثير من ملامح التغيير والتحول في أزمنته المتعاقبة منذ أن كان الدكان ( عريشاً) في جهته الشرقية وحتى زاوية (الصفاة) عند منعطفه الغربي.
ولأن بلديةَ المجاردةِ هي المعنيةُ برسم كل تفاصيل التطوير في سوق الاثنين لأكثر من ثلاثين عاماً مضت ، فقد توالت صور التحسين في ملامحه ومرت زواياه بتغيرات عدة، إلا أننا نمضي هذه الأيام نحو وجه آخر لهذه السوق ، ونحو ملمح من ملامح التحول والتغيير في تاريخها والتي جاءت آلة التطوير لتأخذ أركانها وزواياها إلى مشهدٍ مختلف من التنظيم والترتيب الذي قضى على التشوه البصري للمكان وتقاطع الطرقات المتداخلة وعشوائيتها.
ليجعل سوق الاثنين وجهاً آخر يليق بتاريخه ومكانته، فنحن ندرك جيداً أن خلف هذا العمل فريق فني ملهم يقوده سعادة رئيس بلدية محافظة المجاردة المهندس مرعي زهير العمري، والذي يقدم عملاً مبهراً في رسم سطور الجمال في المحافظة ، وقد سبقه الرئيس السابق سعادة المهندس أحمد العربي والذي سيخلّد طويلاً في ذاكرة الجمال هُنا ، فهذا التناغم في جهود بلدية المجاردة وتسارع خُطُوات التنمية في كل الاتجاهات هو نتيجة متابعة كريمة ومستدامة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير ، فكل شبر في عسير تشعر أنه بين راحتيه يمنحه الحياة والجمال، فحينما نمضي في طرقات المحافظة وميادينها وحدائقها نعي أن هنالك عمل يقدّم بحرفية تامة من خلال تطوير البُنى التحتية، وتحسين الطرقات وأنسنتها ، وزيادة الحالة الجمالية في المحافظة ، وخلق هوية واضحة تزيح عن أنظارنا تلك التشوهات البصرية التي كانت تملأ طرقاتنا منذ سنوات!
فالقادمون إلى المجاردة والعابرون في شوارعنا يلحظون تلك التحولات المليئة بالحياةِ والجَمَال ، والتي نقلت المجاردة من زمن العشوائية والرتابة إلى دهشة المكان وسحره، فرغم أن آلة العمل مازالت مستمرةً ولم تتوقف حتى في شمس تهامة ومطرها، إلا أن هنالك عملٌ يُقدّم وصورة مبهرة ومذهلة في قادم الأيام.

محمد الفقيه الشهري
كاتب وأديب

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com