*تشرق علينا يوم 23 من سبتمبر شمس الفخر والشموخ بيومٍ مجيدٍ له ذكرى غاليةٌ على نفوسنايومٌ جبينُه مرصَّع بالمفاخر والمآثر التي قلَّ أن تجتمع لأي وطنٍ آخر أو لشعبٍ آخر في أصقاع المعمورة .*
*تلك هي الذكرى الرابعة والتسعين (94 ) لتأسيس هذا البناء الراسخ والكيان الشامخ المملكة العربية السعودية ، فما عساي أن أعدِّد وأستذكر من دواعي الاعتزاز والفخر التي اختصَّ الله بها هذه البلاد المباركة .*
*فتزاحم الخواطر وتدفق المشاعر التي يروم المواطن السعودي التغنّي بها سواءً الحديث عن الماضي الزاخر بالأمجاد والملاحم التي سطَّرها الأباء والأجداد ، أو عن الحاضر الزاهي الذي بلغت فيه المملكة في ظلِّ قيادةٍ حازمةٍ رشيدةٍ شأواً يشار له بالبنان جعَلَ وسائل الإعلام العالمية تفرد له مساحاتٍ إعلاميةً كبيرةً لتتناوله في برامجها بالثناء والإعجاب للمشاريع الجبّارة القائمة حالياً على قدمٍ وساق والتي تنتشر في كل المناطق ، أو ما يتحقق من متطلبات الرؤية المظفّرة لما ستؤول اليه البلاد إن شاء الله في المستقبل المنظور بعد اكتمال المشاريع المخطط لانتهائها بحلول 2030 ، أو المكانة الرائدة التي تتبوأها المملكة بين دول مجموعة العشرين الأقوى اقتصادياً في العالم ، أو المستقبل المشرق الذي لن يكون بإذن الله آخر مفاخرنا وزهونا به التصريح الذي أطلقه سمو وزير الطاقة قبل يومين عن المشروع الوطني للطاقة النووية وبناء أول محطةٍ نووية لهذه الطاقة للوطن الغالي .*
*فتزامن حلول هذه المناسبة المجيدة يحتم عليَّ القول بأنه فعلاً حقَّ لنا أن نفتخر بإنتمائنا لهذا الوطن الذي منحنا الرفعةَ الذائعةَ الصيت على مستوى دول العالم ، ومنحنا الأمان الذي تفتقده الكثير من الأوطان ، ووهبنا المكانة الروحانية التي تجعل أفئدة الناس تهفو إليه من كل بقاع الأرض .*
*واحتفاؤنا كسعوديين باليوم الوطني احتفاءٌ له مبرراته ، فهو احتفاءٌ استثنائيٌ لا يشبهه أي يومٍ وطنيٍ لأي بلدٍ آخر ، فقد دأبت بلدانٌ وشعوبٌ أخرى على الإحتفاء بيومها الوطني لأنه غالباً ما يصادف في معظمها ذكريات أيامٍ لها مسمَّياتٍ مختلفة لدى أبناء تلك الشعوب ومن ذلك : ذكرى يوم الإستقلال أو ذكرى يوم الجلاء أو ذكرى التحرير وما الى ذلك من المصطلحات الدالّة على أن تلك الأوطان كانت ترزح تحت براثن الاستعمار والإضطهاد من دولٍ أخرى فاحتفالها يعني ذكرى اليوم الذي غادر فيه لديهم آخر جنديٍ من قوات البلد المستعمِر لوطنهم .*
*أما نحن ولله الحمد والمنّة في هذا الوطن الشامخ بتاريخه وبقيادته وبشعبه وبما يحويه من البقاع المقدسة والمدن العصريّة والمنجزات العظيمة والمآثر التاريخيةٍ فنحتفل لأن بلادنا ولله الحمد تفتخر وتماري بارتباطها بحِقَبٍ تاريخيةٍ عظيمةٍ بدأت منذ بزوغ فجر الإسلام على ثراها الطاهر عند قيام أول دولةٍ إسلامية وإرثٍ دينيٍ خالدٍ ساد العالم ، ومبعث فخر أرض الحرمين الشريفين بأنه قد شعّ منها نور الدين الإسلامي عند تأسيس دولة الاسلام الأولى بقيادة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام ومن بعده الخلفاء الراشدون الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين .*
*وخاصيةٌ أخرى يحقُّ لنا بأن نفاخر ونطاول بها عنان السماء مفادها أن بلادنا لم تدنِّسها أقدام الاستعمار البغيض ، وبالطبع فلا يعني هذا أنه لم تكن هناك حملاتٍ عدائيةٍ مغرضةٍ منذ قيام الدولة السعودية الأولي قبل ما يناهز الأربعة قرونٍ للنيل من كرامة وإباء المواطن السعودي ومن مقدَّرات وخيرات أرضه ، لكن أوائلنا الشُّمَّ الأماجد أرووا بدمائهم الزكيَّة تراب الوطن ليبقى لأهله دون سواهم ، والشواهد أكثر من أن يتم حصرها ولكني أكتفي هنا بالإيماء اليسير لبعض الوقائع التي دوَّنها التاريخ بمدادٍ من ذهبٍ لمقاومة الدخلاء كدولة العثمانيين مقاومةً شرسةً في كثيرٍ من أرجاء الوطن سواءً في ديار نجدٍ العذيَّة ، أو في أرض الجنوب الحبيب ، أو في واحات ورمال الأحساء الغالية بل تكاد تكون في كل أرجاء الوطن من أقصى الشمال الى اقصى الجنوب ومن البحر الى البحر شرقاً وغرباً .*
*أفلا يجب علينا أن نردَّ الدين للوطن الحبيب وأن نكون أوفياء معه كما هو أمانٌ وضمانٌ لنا ولأجيالنا القادمة لنبقى في دعةٍ واستقرارٍ بينما النَّاس تُتَخطَّف من حولنا نتيجة لخيانة الأوطان والمؤامرات وما نتج عنها من انعدام أهم مقومات الحياة الكريمة بوجود الأمن ورغد العيش قال تعالى :(فَلۡیَعۡبُدُوا۟ رَبَّ هَـٰذَا ٱلۡبَیۡتِ (3) ٱلَّذِیۤ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعࣲ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ (4) ﴾ …[قريش]*