المقالات

لحظة الحقيقة في واشنطن حين كشفت السعودية وزن الكلمة وثقل الموقف

سلطان سعيد

سلطان سعيد -

احترام الكلمة والمصداقية في السياسة السعودية تحول خلال السنوات الأخيرة الى نهج استراتيجي يعكس نضج الدولة وقوة مؤسساتها وقدرتها على صنع تأثير حقيقي في بيئة دولية شديدة التعقيد. هذا النهج لم يعد مجرد قيمة اخلاقية او شعار تتداوله الخطابات الرسمية بل أصبح معيارا تبنى عليه الشراكات وتدار به الملفات الكبرى وتقاس من خلاله جدية المواقف على الساحة العالمية.

 

في عالم يميل الى التقلب وتغير المصالح اختارت المملكة طريقا مختلفا يقوم على وضوح الموقف وثبات الالتزام والدقة في بناء التحالفات. هذا الوضوح منح الكلمة السعودية وزنا سياسيا يتعامل معه العالم باحترام ويحسب له حسابا لأن تجربة السنوات الماضية اثبتت أن ما تقوله القيادة السعودية يتم تنفيذه وأن الوعود تتحول الى قرارات والقرارات تتحول الى إنجازات. هذه المنهجية جعلت المملكة نقطة ثقة في منطقة مليئة بالتقلبات وبيئة دولية تواجه أزمات اقتصادية وسياسية متلاحقة.

 

المصداقية السياسية لم تعد أداة علاقات عامة بل أصبحت رافعة استراتيجية تعزز مكانة المملكة في الملفات الإقليمية والدولية من الطاقة الى الاقتصاد الى الأمن وحتى المساعدات الإنسانية. ومع كل موقف سعودي واضح أصبحت الثقة الدولية ترتفع ومعها يتوسع هامش التأثير السياسي للمملكة ويزداد حضورها في صناعة الحلول وليس فقط التفاعل مع الأحداث.

 

احترام الكلمة في السياسة السعودية امتد أيضا الى الداخل حيث ترتكز عملية صنع القرار على المصارحة والاستمرارية وتقديم رؤية طويلة المدى تعمل على تحويل التعهدات الوطنية الى نتائج ملموسة سواء في التنمية او الاستثمار او الازدهار الاجتماعي. هذا الاتساق بين القول والفعل خلق بيئة يمكن للمواطن والمستثمر والشريك الدولي أن يتوقع فيها الاتجاهات المستقبلية بثقة عالية.

 

وبين كل هذه التفاصيل يتشكل نموذج جديد للسياسة السعودية يقوم على الثبات والواقعية والصدق السياسي وهو نموذج جعل المملكة واحدة من اكثر الدول استقرارا وتأثيرا في محيطها وواحدة من اهم القوى التي تحافظ على توازن المنطقة وتعيد صياغة علاقاتها الدولية بروح تعتمد على الاحترام المتبادل وتقدير الكلمة بوصفها التزاما لا يفرط فيه .

 

وتأتي زيارة ولي العهد السعودي الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية لتمثل تجسيداً حيّاً لروح احترام الكلمة والمصداقية التي تحدد مسار السياسة السعودية في العصر الراهن فإن هذه الزيارة لم تكن فقط محطة دبلوماسية بل تجربة تواصل استراتيجية تترجم الالتزامات إلى مقررات والوعود إلى واقع عملي

 

في المحادثات الرسمية واللقاءات الثنائية أُعيدت التأكيدات على شراكة تمتد أبعد من المصالح الآنية إلى مستقبل استراتيجي يتشارك فيه الطرفان الأهداف والرؤى الاقتصادية والأمنية والابتكارية وكانت رسالة الزيارة أن السعودية لديها كلمة ذات وزن في ساحة القرار العالمي وأن التزاماتها ليست كلاماً إنما التزام جوهري يترجم في المشاريع الضخمة والاستثمارات المشتركة

 

ومن نتائج هذه الزيارة تسارع في شراكة تقنية وانتقالية حيث تم التوقيع على مذكرات تفاهم ضخمة في قطاعات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحديثة والاستثمارات الاستراتيجية ما يدل على أن المصداقية التي تبنيها السعودية في سياستها ليست شعارات فقط بل تصب في خلق اقتصاد متطور ومستدام تعود منه الفائدة على مواطني المملكة وشركائها الدوليين

 

كما أن هذه الزيارة عزّزت الثقة المتبادلة في الملفات الأمنية والإقليمية حيث عبر الطرفان عن التزام مشترك بدعم الاستقرار في المنطقة والتصدي للتحديات الكبرى من خلال تعاون فعلي لمواجهة الأزمات وتعزيز الحوار البناء الأمر الذي يعكس أن الكلمة السعودية في السياسة هي التزام تجاه الحليف والمجتمع الدولي وليس مجرد تفاوض تكتيكي

 

وبجانب البعد الاقتصادي والأمني جاءت البعدين التنموي والثقافي فتم التركيز على الشراكة في التعليم والابتكار وتطوير رأس المال البشري وخلق فرص للشراكات الأكاديمية والتكنولوجية ما يثبت أن العلاقة بين البلدين مبنية على رؤية مستقبلية شاملة وأن المملكة ترى شريكها الأميركي شريكاً في بناء المستقبل لا في تبادل المصالح المرحلية فقط

 

إذاً زيارة ولي العهد للولايات المتحدة لم تكن مجرد رحلة رسمية بل رسالة عملية عن مصداقية سياسية سعودية متجذرة احترام للكلمة متجسد في التزامات واضحة وأفعال ملموسة وشراكة استراتيجية تبنيها المملكة بجدية وثقة وتعمل على ترسيخها في ساحات الاقتصاد والأمن والابتكار لتشكّل نموذجاً من السياسة السعودية التي تتحدث بفعل لا فقط بالكلام.


اكتشاف المزيد من صحيفة صوت الوطن

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com