المقالات

*التقلبات الجوية في القنفذة: بين التحذيرات الرسمية وتهاون بعض المواطنين*

بقلم / محمد عمر حسين المرحبي 

-

تشهد محافظة القنفذة في هذه الأيام أجواءً غير مستقرة، تباينت بين هطول أمطار غزيرة، وتكوّن سحب رعدية كثيفة، مصحوبة برياح نشطة وجريان سيول في عدد من الأودية والشعاب، خاصة في المراكز الشرقية والجنوبية من المحافظة. هذه الحالة المناخية دفعت الهيئة العامة للأرصاد الجوية وإدارة الدفاع المدني إلى إصدار تنبيهات متكررة تحث المواطنين والمقيمين على توخي الحذر، وتجنب مجاري الأودية ومناطق تجمع السيول، مع التشديد على عدم المجازفة بالاقتراب منها حفاظاً على الأرواح والممتلكات.

 

ورغم وضوح هذه التعليمات، إلا أن واقع الحال يكشف أن بعض الأفراد لا يعيرونها اهتماماً كافياً، إذ يسلكون طرقاً خطرة أثناء جريان السيول، أو يتعمدون الدخول بمركباتهم في بطون الأودية معرضين أنفسهم ومن معهم للهلاك. كما أن فئة أخرى تستغل هذه الأجواء في تصوير البرق والسحب الرعدية من مواقع مرتفعة أو مكشوفة، وهو تصرف لا يخلو من المخاطر الجسيمة، إذ إن الصواعق الرعدية قد تصيب في لحظة وتخلف خسائر فادحة.

 

وقد سجّل مركز سبت الجارة خلال اليومين الماضيين عدداً من الحوادث المؤلمة نتيجة السيول الجارفة. فقد جرفت المياه مركبات واحتجزت أشخاصاً داخل الأودية، مما استدعى تدخّل فرق الدفاع المدني والجهات الأمنية التي باشرت الموقع بجهود حثيثة حتى تمكنت – بفضل الله – من إنقاذ العالقين وإعادة فتح بعض الطرق المتضررة. هذه الحوادث كانت بمثابة جرس إنذار يؤكد أن التهاون في التعامل مع التحذيرات الرسمية قد تكون عواقبه وخيمة.

 

إن محافظة القنفذة، بما تحويه من تضاريس متنوعة تجمع بين السهل والجبل، تعتبر من أكثر المناطق عرضة لتجمع مياه الأمطار وجريان السيول بشكل سريع ومباغت، وهو ما يضاعف الحاجة إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي. فالتزام التعليمات ليس مجرد خيار شخصي، بل هو مسؤولية جماعية وأمانة وطنية ودينية، إذ أمرنا الله تعالى بأخذ الأسباب وعدم إلقاء النفس إلى التهلكة.

 

ومن هنا تأتي أهمية دور الأسر والمدارس ووسائل الإعلام المحلية في غرس ثقافة السلامة لدى النشء، وتوضيح خطورة المجازفات المتهورة، سواء كانت بقيادة المركبات في طرق غير آمنة، أو بالاقتراب من مجاري السيول للتصوير والمتابعة. فالوعي الوقائي هو السد الأول أمام وقوع الكوارث، والتعاون مع الجهات المختصة يعزز أمن المجتمع وسلامته.

 

إن ما شهدته القنفذة – وخصوصاً مركز سبت الجارة – من حوادث خلال هذه الأيام، يجب أن يكون دافعاً للجميع إلى إعادة النظر في السلوكيات الخاطئة، والالتزام بما يصدر عن الجهات الرسمية من تعليمات وإرشادات، فالحياة نعمة غالية والأمان مسؤولية مشتركة، والاحتياط في مثل هذه الأجواء المتقلبة هو السبيل لتفادي الخسائر والندم.


اكتشاف المزيد من صحيفة صوت الوطن

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com