المقالات

مقدار المكر الذي سمعته امرأة العزيز من نساء المدينة.

د.احمد الشهري

قال تعالى:( وقال نسوةٌ في المدينةِ امرأةُ العزيز تراودُ فتاها عن نفسهِ قد شغفها حبا إنّا لنراها في ضلالٍ مُبينٍ ).

( فلما سمعت بمكرهن ).

إذاً فكلام النساء متضمن لوجوه كثيرة من المكر، منها:

1- قولهن:( امرأةُ العزيزِ تُراود فتاها ).
فلم يسموها باسمها، بل ذكروها بالوصف الذي ينادى عليها بقبيح فعلها، بكونها ذات بَعْل، فصدور الفاحشة منها أقبح من صدورها ممن لا زوج لها.

2- قلن:( امرأةُ العزيز )، فزوجها عزيز مصر، ورئيسها وكبيرها، وذلك أقبح لوقوع الفاحشة منها.

3- قلن:( تراود فتاها عن نفسه )، فالذي تراوده مملوكا لا حُر، وذلك أبلغ في القبح.

4- أنه فتاها الذي هو في بيتها وتحت كنفها، فحكمه حكم أهل البيت، بخلاف من طلبت ذلك من الأجنبي البعيد.

5- قلن 🙁 تراود )، فهي المراودة الطالبة.

6- قلن:( قد شغفها حباً )، أي قد بلغ بها عشقها له كل مبلغ، حتى وصل حبها له إلى شغاف قلبها.

7- أنه في ضمن هذا، أعف منها وأبر وأوفى، حيث كانت هي المراودة الطالبة، وهو الممتنع عفافًا وكرمًا وحياء، وهذا غاية الذم لها.

8- قلن:( تراود )، فأتين بفعل المراودة بصيغة المستقبل الدالة على الاستمرار والوقوع، حالا واستقبالاً، وأن هذا شأنها، ولم يقلن: راودت فتاها. وفرق بين قولك: فلان أضاف ضيفا، وفلان يقرى الضيف، ويطعم الطعام، ويحمل الكل.
فإن هذا يدل على أن هذا شأنه وعادته.

9- قلن:( إنّا لنراها في ضلالٍ مبينٍ )
أي إنا لنستقبح منها ذلك غاية الاستقباح فنسبن الاستقباح إليها. ومن شأنهن مساعدة بعضهن بعضا على الهوى، ولا يكدن يرين ذلك قبيحا، كما يساعد الرجال بعضهم بعضا على ذلك، فحيث استقبحن منها ذلك كان هذا دليلا على أنه من أقبح الأمور، وأنه مما لا ينبغي أن تُساعد عليه، ولا يحسن معاونتها عليه.

10- أنهن جمعن لها في هذا الكلام واللوم، بين العشق المفرط، والطلب المفرط.
فلم تقتصد في حبها، ولا في طلبها.

أما العشق فقولهن:( قد شغَفَها حُبًا )، أي: وصل حبه إلى شغاف قلبها.

وأما الطلب المفرط فقولهن:( تُراودُ فتاها ).
والمراودة: الطلب مرة بعد مرة.
فنسبوها إلى شدة العشق، وشدة الحرص على الفاحشة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com