الإشارات المرورية بين الماضي والمستقبل نبض المدن الذكية في رؤية 2030

في خضم التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة ضمن رؤيتها الطموحة 2030 لاتزال إشاراتنا عالقة في الماضي بينما مدننا تتجه نحو المستقبل إذ تبرز الإشارات المرورية كأحد الأعمدة الأساسية التي لا يمكن تجاهلها في بناء مدن ذكية تنبض بالحياة وتدار بكفاءة فالنظام المروري ليس مجرد تنظيم لحركة المركبات بل هو لغة حضارية تعكس مستوى التطور والوعي في أي مجتمع
الإشارات المرورية تمثل القلب النابض لشبكات الطرق فهي التي تنظم تدفق المركبات وتحدد الإيقاع اليومي للحركة داخل المدن ومن خلالها يتشكل الانطباع الأول عن مدى جاهزية البنية التحتية وقدرتها على مواكبة الكثافة السكانية والنمو العمراني ومع الأسف لا يزال النظام الحالي في كثير من المدن يعتمد على أنماط تشغيل تقليدية تفتقر إلى المرونة والذكاء
في المدن الحديثة تتحول الإشارات إلى أنظمة ذكية تراقب حركة السير لحظة بلحظة وتتكيف تلقائيا مع حجم المركبات والاتجاهات المزدحمة بل وتتواصل مع المركبات ذاتيا عبر أنظمة الاتصال الحديثة لتضمن تدفقا سلسا وفعالية قصوى هذه التقنيات ليست ترفا تقنيا بل هي استثمار في السلامة وجودة الحياة وتقليل الفاقد من الوقت والطاقة
ولعل ابرز ما يؤخذ ويواجه النظام المروري الحالي للإشارات المرورية مجموعة من الإشكاليات التي تحد من كفاءته وتتناقض مع طموحات المدن الحديثة فهو يعمل بتوقيت ثابت لا يتفاعل مع حجم الحركة مما يؤدي إلى ازدحام متكرر وهدر للوقت كما أن الإشارات تعمل بشكل منفصل دون ربط مركزي ينسق انسيابية المرور بين التقاطعات إضافة إلى ضعف أنظمة الاستشعار والتحليل التي تساعد على اتخاذ قرارات لحظية تضمن تدفقا أفضل للحركة المرورية
كما يفتقر النظام إلى خاصية إعطاء أولوية للمركبات الطارئة مثل سيارات الإسعاف والدفاع المدني والنقل العام مما يقلل من سرعة الاستجابة في المواقف الحرجة ويتسبب في تأخير الخدمات الحيوية هذا إلى جانب ارتفاع الحوادث عند التقاطعات بسبب غياب المرونة في التشغيل
ايضاً الهدر الناتج عن التوقف غير الضروري أمام الإشارات للوقت اضافة لاستهلاك الوقود ويتسبب برفع معدلات الانبعاثات الكربونية الضارة وهذا بدورة يؤثر على جودة الحياة في المدن الكبرى والأهم أن الضبط المروري الحالي غير مهيأ للتكامل مع أنظمة النقل الذكي والمركبات المتصلة وهي عناصر أساسية في رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى بناء وأنسنة مدن ذكية ومستدامة
إن تطوير الإشارات المرورية ليتناغم مع رؤية المملكة 2030 ليس خيارا بل ضرورة وطنية فالرؤية تسعى إلى بناء مدن مستدامة تعتمد على الحلول الذكية وتضع من جودة الحياة وسعادة وسلامة الإنسان في مقدمة الأولويات إشارات المرور الحديثة ستكون جزءا من منظومة المدن المتصلة التي تفكر وتتعلم وتتفاعل مع السائقين والبيئة المحيطة لتجعل من التنقل تجربة آمنة وسلسة تعكس وجه المملكة الحضاري المتجدد
اكتشاف المزيد من صحيفة صوت الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.





