المقالات

*الابتعاث العلمي …ونهضة المملكة* 

فيصل بن خالد الزهراني

شكلت عملية الابتعاث لطلب العلم محوراً من محاور التبادل الحضاري والثقافي، فجميع الدول التي نهضت كان الطلاب المبتعثون فيها مشروعاً إستراتيجياً لإحداث نقلة حضارية نوعية، ونقل أحدث ما وصل إليه الإنسان من المعارف والعلوم والابتكارات الحديثة.

شهدت كافة السوابق التاريخية للدول إثر الابتعاث، حالة نهوض وتقدّم، نهوض بالأمم وتقدم للشعوب، إذ كان الابتعاث سبيلاً فعالاً للوقوف على أحدث إنجازات العصر، والإلمام الشامل بالمنتج الثقافي والعلمي للإنسان أينما كان.

لذا فإن الغاية من الابتعاث الطلابي لا تنحصر في العملية التعليمية، إنما تمتد إلى أن تصبح أداة لنقل الحضارة الإنسانية والتفاعل بين الحضارات.

وهذا ما أدركه المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – فوجّه رحمه الله أمراً ملكياً بإرسال 14 طالباً لإكمال الدراسة في مصر عام 1927، وسنّ سُنّة حسنة اقتفى أثرها أبناؤه وساروا على هداها.

 

كانت تلك البعثة هي البداية، ثم توالت البعثات التي وجهتها المملكة إلى شتى دول العالم المتقدم شرقاً وغرباً، ومنذ ذلك التاريخ، لم تدّخر المملكة جهداً لتسهيل الابتعاث، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للطلاب.

ولا شك أن إطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية -حفظه الله- إستراتيجية برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، والذي يمثل مرحلة جديدة لمستقبل الوطن من الشباب والشابات الذين هم عماده وعموده الفقري، وهذا مما يساهم في تعزيز التنافسية بين أفراد المجتمع ويساعد على رفع كفاءة رأس المال البشري في القطاعات الجديدة والواعدة بإذن الله.

ومن المعروف أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي هو برنامج وطني تم إطلاقه عام 1426هـ / 2005، ويستهدف جميع الطلبة والطالبات من خريجي الداخل والخارج ممن تنطبق عليهم الشروط والضوابط، لكن البرنامج الجديد للابتعاث الذي أطلقه سمو ولي العهد يمثل مرحلة جديدة وإستراتيجية قوية لمستقبل زاهر بسواعد وطنية.

فالإستراتيجية الجديدة للبرنامج استكمالاً لجهود المملكة في تنمية القدرات البشرية، والتي تسعى إلى تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030م، كما عملت لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية على تطوير إستراتيجية برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث بالتعاون مع عدد من الجهات ذات العلاقة، متمثلة في عدة مسارات تم تصميمها بما يتواءم مع أولويات رؤية المملكة 2030م وبرامجها التنفيذية واحتياجات سوق العمل المتجددة والمتسارعة.

فمن خلال البرنامج الجديد للابتعاث تعمل المملكة على بناء كوادر وطنية قادرة على حمل راية الوطن في كل القطاعات حيث تستهدف أن يمتلك المواطن قدراتٍ تمكنه من المنافسة عالميًا، من خلال تعزيز القيم، وتطوير المهارات الأساسية ومهارات المستقبل، وتنمية المعارف مع تطوير أساس تعليمي متين، لتحضير الشباب لسوق العمل المستقبلي المحلي والعالمي، وتعزيز ثقافة العمل لديهم. وترتكز الاستراتيجية الجديدة للابتعاث على عدة ركائز أساسية ،منها : تنمية مهارات المواطنين، دعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، تطوير وتفعيل السياسات والممكنات لتعزيز ريادة المملكة.

كما يعمل البرنامج الجديد للابتعاث على وجوب إكساب المبتعثين المهارات اللازمة في سوق العمل المحلي والعالمي، إذ يتم ابتعاث الطلاب إلى أفضل 200 جامعة ومعهد حول العالم للمساهمة في تحقيق أولويات التنمية الوطنية. كما يتم توسيع مجالات الدراسة وتعدد الدرجات العلمية، عبر برنامج الابتعاث، يرفع كفاءة المواطنين بما يضمن مواكبة الاحتياجات المتغيرة لوظائف المستقبل في سوق العمل المحلي والعالمي.

فالبرنامج الجديد للابتعاث يحاول تنفيذ مستهدفات خطط ورؤية المملكة، من خلال التأكيد على أهداف وإستراتيجية رؤية المملكة 2030، والتي يؤكد عليها سمو ولي العهد : “شعبٌ طموحٌ، معظمُه من الشباب، هو فخر بلادنا وضمانُ مستقبلها بعون الله، ولا ننسى أنه بسواعد أبنائها قامت هذه الدولة في ظروف بالغة الصعوبة، عندما وحّدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه. وبسواعد أبنائه، سيفاجئ هذا الوطن العالمَ من جديد”.

 

ختاماً .. فإننا نؤكد على أن إطلاق هذه الإستراتيجية الناجحة للابتعاث بإذن الله تمثل استمراراً لجهود المملكة لرفع جاهزية المواطنين للاستعداد للمستقبل ، من خلال بناء و تنمية القدرات البشرية لمواكبة تطوير إستراتيجية «رؤية 2030» وبرامجها التنفيذية واحتياجات سوق العمل المتجددة والمتسارعة في القريب العاجل بإذن الله.

فيصل بن خالد الزهراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com