المحليات

غذاء غير صحي وكسل رقمي .. الأغا : هكذا يصاب أطفالنا بالسمنة دون أن يشعروا 

حذر أستاذ واستشاري طب الأطفال والغدد الصماء والسكري بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، البروفيسور عبدالمعين عيد الأغا، من تزايد معدلات السمنة بين الأطفال في السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة لم تعد مجرد مشكلة جمالية، بل أزمة صحية متنامية تهدد مستقبل الأجيال وتستوجب تدخل الأسر قبل تفاقمها.

وأوضح الأغا أن هناك خمسة أسباب رئيسية تمهد لزيادة أوزان الأطفال وتجعلهم عرضة للإصابة بالسمنة في سن مبكرة، إذ إن كثيرًا من الأسر تغفل عن هذه العوامل أو تتعامل معها باستهتار، رغم خطورتها الكبيرة على المدى الطويل.

أول الأسباب – بحسب الأغا – هو سوء العادات الغذائية، إذ إن تناول الوجبات السريعة والمأكولات المصنعة والمشروبات الغازية أصبح من أكثر العادات شيوعًا بين الأطفال ، وهذه الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات ترفع السعرات الحرارية في الجسم بشكل كبير، ومع مرور الوقت تؤدي إلى زيادة الوزن وتراكم الدهون في مناطق مختلفة من الجسم ، كما أن الطفل الذي يتعود على هذه الأطعمة منذ الصغر يفقد توازنه الغذائي، ويصبح أكثر عرضة للإصابة بالسمنة ومشكلات الهضم وضعف المناعة.

وأضاف الأغا أن انعدام الحركة يمثل السبب الثاني، فالكثير من الأطفال اليوم يقضون أوقاتًا طويلة أمام الشاشات دون أي نشاط بدني يذكر ، ومع تراكم السعرات الحرارية وعدم حرقها، يبدأ الجسم بتخزين الدهون، لتتحول مع الوقت إلى سمنة مفرطة ، فالرياضة ليست ترفًا، بل ضرورة صحية تسهم في الحفاظ على رشاقة الجسم وتنشيط الدورة الدموية وتحسين الحالة النفسية ، كما أن الأطفال النشيطين بدنيًا أقل عرضة للسمنة بنسبة تصل إلى 40٪.

وأشار الأغا إلى أن الجلوس المفرط أمام التلفاز أو الأجهزة اللوحية يعد من أبرز أسباب السمنة الحديثة، فالأطفال يقضون ساعات طويلة في الخمول، وغالبًا ما يصاحب ذلك تناول وجبات خفيفة غير صحية ومشروبات غازية، مما يؤدي إلى زيادة الوزن بشكل تدريجي، بالإضافة إلى آثار جانبية مثل ضعف التركيز واضطراب النوم.

وبين أن العامل الوراثي يلعب دورًا لا يمكن تجاهله، إذ إن الأطفال الذين يعاني أحد والديهم من السمنة غالبًا ما يواجهون الخطر نفسه، حتى مع تناولهم كميات طبيعية من الطعام ، مشيرا إلى وجود أمراض نادرة مثل متلازمة برادر ويلي ومتلازمة كوشينج التي تؤثر في إفراز الهرمونات وتزيد من تخزين الدهون في الجسم.

وأكد الأغا أن الصحة النفسية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسمنة، فالأطفال الذين يعانون من التوتر أو القلق أو العزلة قد يلجأون إلى الأكل المفرط كوسيلة للتنفيس العاطفي، وهو ما يعرف بـ”الأكل العاطفي” ، وهذه الحالة تسهم في زيادة الوزن بسرعة، وتفتح الباب لمشكلات أعمق مثل الاكتئاب وانخفاض الثقة بالنفس.

وحذر الأغا من أن السمنة في الطفولة ليست مجرد مرحلة عابرة، بل بوابة لأمراض مزمنة في المستقبل، مثل اختلال مستويات الدهون في الدم، ومتلازمة الأيض، وارتفاع ضغط الدم، والسكري من النوع الثاني ، كما تؤدي السمنة إلى مشكلات في التنفس أثناء النوم، وآلام المفاصل والظهر، واضطرابات الدورة الشهرية عند الفتيات، إضافة إلى التهابات جلدية مزمنة بسبب الاحتكاك في مناطق ثنيات الجسم.

ولفت إلى أن السمنة لا تؤثر فقط على الصحة الجسدية، بل تمتد إلى نفسية الطفل الذي قد يواجه التنمر والسخرية من أقرانه، مما يزيد من تدهور حالته النفسية ويقلل من ثقته بنفسه.

ودعا الأغا الأسر إلى أن تكون خط الدفاع الأول ضد السمنة، من خلال تبني نمط حياة صحي يقوم على التوازن في الغذاء والنشاط والنوم، مبينًا أن العلاج يبدأ بالوقاية ، وتشمل أبرز النصائح ما يلي تقديم الخضراوات والفواكه بشكل يومي وتقليل الحلويات والمأكولات المصنعة ، الحد من الأطعمة عالية الدهون واستبدالها بوجبات منزلية صحية ، تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة المفضلة لديه بانتظام ، تجنب تناول الطعام أمام التلفاز وتنظيم أوقات الوجبات ، النوم المبكر، لما له من دور في تنظيم الهرمونات المسؤولة عن الشهية وحرق الدهون.

ويؤكد البروفيسور الأغا في ختام حديثه أن مواجهة السمنة تبدأ من الوعي الأسري، وأن الأسرة الواعية القادرة على ضبط غذاء طفلها وتشجيعه على النشاط، هي التي تقيه من مشكلات صحية ونفسية قد تلازمه مدى الحياة ، فالسمنة ليست قدرًا، بل نتيجة يمكن الوقاية منها بالتربية الصحية والسلوك الغذائي السليم.


اكتشاف المزيد من صحيفة صوت الوطن

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com