المحليات

عدسات المستقبل تضيء جدة وجامعة “المؤسس” تحتفي بصناع الدهشة

 حنين الزهراني - جدة 

في ليلة استثنائية امتزجت فيها لغة الصورة بسحر الموسيقى وتحت أضواء “مهرجان جامعة الملك عبدالعزيز للأفلام السينمائية الطلابية 2025” شهدت جدة عرساً ثقافياً توّج نخبة من المبدعين الشباب الذين رسموا ملامح مستقبل السينما السعودية.

لم يكن مجرد حفل توزيع جوائز بل كان إعلاناً صريحاً عن جيل قادم بقوة يحمل أدواته الفنية بتمكن ويسرد حكاياتنا بوعي ونضج لافتين.

الإنسان والمكان.. سرديات تخطف الأضواء

في فئة الأفلام الروائية، استطاعت المبدعة سوسن عبدالرحمن القريعي من جامعة الملك عبدالعزيز أن تقتنص جائزة “أفضل فيلم روائي” عن فيلمها اللافت “جناح” مقدمة تجربة بصرية متميزة برعاية “MBC Academy”.

أما على صعيد التشخيص، فقد ذهبت جائزة أفضل ممثل للموهوب عبدالكريم الأنديجاني من جامعة أم القرى عن دوره في فيلم “بيكنج باودر” حيث أثبت قدرة عالية على التقمص والأداء العفوي.

ولأن الواقع يحمل سحره الخاص جاء فيلم “انبعاث” للمخرج أحمد علي بوناجمة من جامعة الملك فيصل ليحصد جائزة أفضل فيلم وثائقي موثقاً لحظات إنسانية بعين فاحصة.

تقنيات تبهر الحواس: من الذكاء الاصطناعي إلى الأنيميشن

واكب المهرجانُ الطفرةَ التقنية العالمية ففي مسابقة أفلام الذكاء الاصطناعي تصدر المشهد الطالب إبراهيم علي بقاشي من جامعة جازان بفيلمه “هذه جازان” محققاً المركز الأول، تلاه وليد القحطاني بفيلم “Evil Burning Eyes”، ثم غدي العتيبي بفيلم “ذهين”.

وفي عالم الرسم والتحريك، حلّقت الطالبة منار خالد الزهراني من جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة عن عملها “حقيبة عمل” برعاية من “مانجا للإنتاج” مقدمة قصة لامست القلوب بأسلوب فني رفيع.

السينما بعيون النقاد والصنّاع

لم يغفل المهرجان الجانب النقدي الذي يُعد بوصلة الفن، حيث توّجت الطالبة يمنى الحربي من جامعة طيبة بالمركز الأول في “مسابقة نقد 3 دقائق” عن قراءتها النقدية لفيلم “Inside Out: عندما يكتب علم النفس السينما”.

وحصدت الطالبة فاطمة بوحسون من جامعة الملك فيصل المركز الثاني عن قراءتها لمسلسل “شقة أبرياء”.

أما المركز الثالث، فكان من نصيب الطالب ممدوح مبارك المشعلي من جامعة الملك سعود، الذي أضاف بعينه النقدية قيمة للمسابقة.

وعلى صعيد الحرفية التقنية، تألقت الأسماء التالية:

• أفضل صورة بصرية: ذهبت لفيلم “0-400” من الجامعة العربية المفتوحة لجماليات كادراته.

• أفضل مونتاج: نالها فيلم “فاكس” من جامعة جدة لإيقاعه المتناغم.

• أفضل سيناريو: حصدها فيلم “PTSD” من جامعة الملك عبدالعزيز، لنصه المتماسك.

• أفضل موسيقى: تراقصت النغمات مع فيلم “مجانين الفن السابع” من جامعة الملك عبدالعزيز.

كلمات منبرية تضيء المستقبل

تجاوز المهرجان حدود التكريم ليصبح منصة فكرية وثقافية، حيث صدحت أصوات الأساتذة والمتخصصين بكلمات شكلت خارطة طريق للجيل الجديد، مؤكدة على دور الطالب في صياغة رؤية 2030 عبر العدسة والإبداع.

د. عبدالله الأحمري لخص الرؤية بالقول: “حين نقول ‘عين السعودية’، فنحن لا نتحدث عن العدسة التي نرى بها العالم بل عن العدسة التي نرى بها العالم حقيقة ببلدنا: هي نافذتنا المفتوحة”. وفي حث صريح على التنافس العالمي.

أكد أ. طارق الشيخ: “الإعلام ليس مهنة من لا مهنة له؛ بل هو مجال للذين يملكون الرغبة والمثابرة… أنتم لا تتنافسون فقط مع خريجي دفعتكم، بل مع كتاب محتوى من حول العالم. المميز فقط هو الذي سيفرض نفسه على المشهد”.

ولإثراء الأدوات، أشار د. تركي الشهري إلى أهمية مسابقة “نقد 3 دقائق” كـ”نافذة لتجربة مهارة قراءة الأفلام واستدعاء الانتباه إلى تكوين اللقطات، والإضاءة، والصوت، وأداء التمثيل، وبنية قصة السيناريو”.

كما شدد أ. رجا العتيبي على أهمية العمق الفكري قائلاً: “كلما كانت الوسيلة ثرية بالمعلومات، ثرية بالصور البصرية، وثرية بالتفاصيل، زاد تفاعل المشاهد معها”.

وفي محور التقنيات، حيث الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي يقتحمان الصناعة:

• أكد د. محمد أبو الجدايل أن “التعليم باستخدام بيئات الواقع الافتراضي لم يعد مجرد ابتكار تقني، بل أصبح نقلة نوعية في إعداد طلاب الإعلام والسينما للمستقبل”.

• وأشار م. المهند الكدم إلى دور الذكاء الاصطناعي كـ “مفيد جداً… ويفتح أمامك آفاقاً واسعة للتفكير، إذا كنت تمتلك عقلية إبداعية، فستتمكن من إنتاج أعمال كثيرة ومتنوعة”.

إن هذا الإجماع من القامات الأكاديمية والمهنية يرسخ حقيقة أن المهرجان هو مختبر حي لجيل من المبدعين الذين يدركون أن الإبداع الحقيقي يبدأ بالوعي العميق والبحث عن الذات، كما لخصها الكاتب أسامة المسلم: “أعتقد أن الإنسان يمر برحلة اكتشاف ذات منذ الصغر. كل إنسان يبحث عن هويته وأهدافه، يفكر في مستقبله وأهدافه”.

ختاماً.. رسالة إلى عدسات الغد

إن ما شاهدناه الليلة في أروقة جامعة الملك عبدالعزيز ليس مجرد أفلام طلابية بل هو وثيقة بصرية تؤكد أن السينما السعودية الفتية تسير في الاتجاه الصحيح.

لقد أثبت الطلاب والطالبات أنهم مستعدون لتجربة كل جديد من فنون النقد الدقيقة إلى دمج أحدث تقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي في قصصهم.

هؤلاء الفائزون ليسوا مجرد أسماء في قائمة بل هم مخرجوا وكتاب ونقاد الغد الذين سيحملون قصصنا إلى العالم.

لقد تحولت مقاعد الدراسة إلى مصنع للنجوم والمملكة اليوم تفتح ذراعيها لعدساتكم.

دام الإبداع ودامت عدساتكم مشرقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com