عاودت تلوثية الأديب الراحل محمد عبد الله الحميد التي يقيمها أبناؤه في منزله بحي الضباب بأبها بعد توقف طويل بسبب جائحة كورونا، وقد تم استضافة الدكتور إبراهيم محمد أبو طالب الأستاذ المشارك في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك خالد.
وقد تحدث في البداية الدكتور عبد الله محمد الحميد المشرف على الثلوثية، فرحب بالجميع من الحضور من الوسط الثقافي والإعلامي بعسير.
وقال: يسرنا عودة الثلوثية الشهرية بعد انقطاع بسبب جائحة كورونا، وحديثنا الليلة عن الجد الأديب والشاعر عبد الله بن علي بن حميد -رحمه الله- ويتحدث عنه هذا المساء عن شعر الجد الدكتور إبراهيم بن محمد أبو طالب، وهو الحاصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من جامعة القاهرة، وعنوان محاضرته (الولاء والوفاء) في شعر الشيخ عبد الله بن علي بن حميد، والدكتور إبراهيم أبو طالب مختصّ في مجال القصة والسرد والنقد الأدبي.
والجد عبد الله الحميد تميز بالذكاء والنبوغ المبكر وتعلّم على يد عدد من العلماء في أبها والرياض وحفظ القرآن مبكرًا، وقد أعجب به أساتذته، واختير ضمن مجموعة من الدارسين لمقابلة الملك عبد العزيز رحمة الله،
وقد اختصه الملك عبد العزيز بالحديث، وطلب أن يكون في مكتبه، ولكنه اعتذر منه لظروفه، وعيَّنه مساعدًا لأمير بيشة عام 1346هـ، ثم رئيسا لديوان إمارة منطقة عسير في عهد أميرها تركي بن أحمد السديري عام 1352هـ، ثم رئيسا لبلدية أبها في عهد الأمير تركي الماضي عام 1382هـ ولمدة سبع سنوات.
ثم رشح في عهد الأمير خالد الفيصل ليكون رئيسًا لنادي أبها الأدبي عام 1398هـ، ولكن وافاه الأجل المحتوم عام 1399هـ وكُلِّف ابنه محمد بن عبد الله الحميد برئاسة النادي.
والشاعر الراحل عبد الله بن علي الحميد له مواهب متعددة غير الشعر، فهو كاتب ومؤرخ ومهتم بالجغرافيا، وعلم الأنساب.
وقد أعد معجما جغرافيا لم يكتمل بسبب وفاته، وقد وجدنا بعضه ولم نجد البعض الآخر. ثم بدأ الدكتور إبراهيم أبو طالب -ضيف الأمسية- فشكر أسرة وأحفاد الشيخ عبد الله الحميد على اختياره ليكون متحدثا عن هذا الشاعر الراحل، وقدَّر حضور الجميع. وقال يسرني أن أتحدث عن علمٍ من عسير وهو الشاعر والأديب الراحل الشيخ عبد الله بن علي بن حميد المولود عام 1326هـ والمتوفى عام 1399هـ -رحمه الله- وله أرث أدبي شعري ونثري كبير جمعه أحفاده ممثلين في الدكتور أحمد محمد الحميد، وفي هذه المحاضرة عن هذا العلم اخترت لها عنوانا دالا على تجربته ومدارها، وهو (الولاء والوفاء) لأنني وجدت هذا في مضمون شعره عند ما يلقي قصائده أمام ولاة الأمر في زياراتهم لعسير، ويذكر مناقبهم، وكذلك فيه الوفاء لهذا الوطن.
ففي قصائده ولاء ووفاء وفي شعره مدح ورثاء، ووصف لطبيعة منطقة عسير بجبالها وجمالها ومناخها وإنسانها، وفي شعره كذلك بعض الطرائف والمواقف هي من الموضوعات القليلة ومنها وصفه لشخص كان يغضب من كلمة (مخضرم) ويعدها سبة أو شتيمة وهو لا يعرف معناها، وكان ذلك الشخص مراسلا عنده في إمارة عسير وهو شعر من نوع المداعبة، وكذلك يوجد ملامح أسلوبية في شعره، رصدناها في الورقة، وألفاظه قاموسية وأغلب مفرداته معجمية، وكذلك وجد في شعره الكثير من الاقتباس والتناص وهناك مقارنات في شعره مثل قصيدته في افتتاح سدِّ أبها عندما قارنه بسد مأرب، وذكر قصة انهيار السد، وسببه عدم الشكر وأنهم أعرضوا.
وقال المحاضر إن في شعر الراحل وفاء لأصدقائه، ووفاء لكل ما فيه خير لمجتمعه ووطنه، وقال المحاضر في الختام أوصي الباحثين بالبحث عن مثل هذا الشاعر الأديب الواسع الاطلاع، وأمثاله من جيله -جيل الرواد في عسير- وجمع قصائدهم المتناثرة.
وقال أعرف أن حفيده الدكتور عبد الله بن محمد يعكف على ذلك منذ زمن؛ لتكون تلك المواد معينة لمن يبحث عن هذا العلم. ثم أدار الحوار الدكتور أحمد الحميد، وسمح بثلاث مداخلات وكان أول المتحدثين هو الدكتور أحمد آل مريع -رئيس مجلس نادي أبها الأدبي- فقال:- ما سمعناه من الدكتور إبراهيم أبو طالب شيء رائع، وهذه دراسة قيمة عن حياة الشاعر، ولا زالت هذه الدراسة مفتوحه عن الولاء والوفاء، والشاعر من القلائل في مجال الشعر والنثر، وكان سفير عسير في مجتمع الأدب واللقاء الأول للأدباء السعوديين، وللراحل الشيخ عبد الله بن علي بن حميد دور كبير في الحياة الاجتماعية، ومنها النصح والإصلاح وتمثيل مجتمع عسير عند ولاة الأمر، وهو مؤسس نادي أبها الأدبي، وأول رئيس له، ولكن توفاه الله قبل أن يباشر مهامه، ولكن ابنه الأديب الأستاذ محمد الحميد تسلّم المهام وأبدع كثيرًا -رحمهم الله جميعا-.
وقال الشاعر والأديب أحمد عسيري لقد وفّق الدكتور إبراهيم أبو طالب في هذه الدراسة عن هذا الأديب الراحل، والدكتور إبراهيم ناقد متَّزن ليس كالحطاب يقطع في شجرة اللوز كما نجد في بعض النقاد الذين يركزون على السلبيات فقط، وقد تابعت له دراسات نقدية أعجبت بها كثيرا ليس يبحث عن العيوب والنقص، ولكنه يبين جماليات النص ويستخرج منه أفضل ما فيه.
وقال العسيري: اجتمعنا في عام 1395هـ في مكتب رعاية الشباب بحضور الأديب الراحل الشيخ عبد الله بن حميد عندما طالبنا بتأسيس نادي أبها الأدبي، وكانت أول مرة أقابل الشيخ عبد الله فأعجبت بطرحه واتزانه وعقليته الراجحة والمعاصرة -رحمه الله-.
وقال أستاذ التاريخ بجامعة الملك خالد الدكتور علي آل قطب عرفنا الشيخ عبد الله الحميد، ولكن في هذه المحاضرة تعرفنا أكثر على شاعريته وتعرفنا على شعره ضمن شعراء عسير في القرن الثالث عشر الهجري، وعرفنا أن في شعره استشهادا بالمواقع التاريخية، وهو امتداد للتجارب الشعرية لمن سبقه من شعراء هذه المنطقة.
وقد علق الاستشاري الدكتور سليمان الحميد فقال: أقدّر جودة الاختيار لعنوان المحاضرة عن (الولاء والوفاء…) من قبل المحاضر الدكتور إبراهيم أبو طالب الذي أبدع في تسلسل المحاضرة وعرضها، والشواهد التي قدَّمها. والجد -رحمه الله- هو ممن عاصر توحيد المملكة، وهذا زاده معرفة كما أحمدُ له، ونحن صغار كيف كان يحثنا على القراءة والاطلاع. ويجبرنا على قراءة كتب التراث، ويستمع منا ما قرأناه، ويعلمنا الفصحى، وهذا جانب تربوي مهم في حياته.
وقال الدكتور أحمد الحميد إن الجد عبد الله الحميد كان يطلب مني ومن أخي الدكتور سليمان أن نقرأ في ديوان المتنبي، ويفسر، ويشرح لنا الكلمات التي ترد في الديوان.
بعدها أعلن الدكتور عبد الله الحميد تكريم الدكتور إبراهيم أبو طالب بدرع الثلوثية، وتكريم الدكتور أحمد آل مريع رئيس نادي أبها الأدبي لمشاركته في مناسبة سابقة. كما تم تقديم كتاب (حصاد السنين- الجزء الرابع) للراحل الأديب محمد عبد الله الحميد الذي طبعه نادي الأحساء الأدبي.