المحليات

من الأمعاء إلى العقل : كيف يؤثر جهازك الهضمي على صحتك النفسية ؟د.ضياء يجيب 

أكد طبيب الروماتيزم وهشاشة العظام الدكتور ضياء حسين ، أن العلاقة بين الأمعاء والحالة النفسية والمزاجية باتت اليوم حقيقة علمية ثابتة لا يمكن تجاهلها، إذ أثبتت الدراسات أن الأمعاء تُعد بمثابة “الدماغ الثاني” للإنسان، نظراً لاحتوائها على شبكة واسعة من الأعصاب والخلايا العصبية التي ترتبط مباشرة بالدماغ، وتنتج العديد من النواقل العصبية وعلى رأسها هرمون السيروتونين المعروف بدوره في تنظيم المزاج والشعور بالراحة ، ومن هنا فإن أي اضطراب في عمل الأمعاء أو توازن البكتيريا النافعة داخلها ينعكس سلباً على الصحة النفسية، وقد يؤدي إلى التوتر أو القلق أو حتى الاكتئاب.

وأشار إلى أن دور الأمعاء لا يقتصر على هضم الطعام وامتصاص العناصر الغذائية فقط، بل يمتد ليشمل تقوية جهاز المناعة، وتنظيم التوازن الميكروبي داخل الجسم، وإفراز الهرمونات المؤثرة في وظائف حيوية عديدة ، لذلك فإن أي خلل في أدائها قد يؤثر بشكل مباشر في جودة الحياة، سواء على المستوى الجسدي أو النفسي.

وبين أن هناك دراسات عديدة تناولت علاقة الأمعاء بالحالة النفسية منها مراجعة علمية منشورة في مجلة Frontiers in Neuroscience أشارت إلى أن أي اختلال في الميكروبيوم المعوي (البكتيريا النافعة في الأمعاء) قد يؤدي إلى خلل في التوازن النفسي، ويزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب والقلق ، وأوضحت المراجعة أن المسارات التي تربط الأمعاء بالدماغ متعددة، تشمل الجهاز المناعي، الهرمونات، والإشارات العصبية ، وفي دراسة أخرى منشورة في European Psychiatry جرى التأكيد على أن الأفراد الذين يعانون من اضطرابات القلق أو الاكتئاب غالباً ما يُظهرون تغيرات واضحة في تكوين الميكروبات المعوية، حيث ينخفض تنوعها وتقل أعداد البكتيريا المفيدة ، وهذه التغيرات لا تقتصر على البالغين فقط، بل وجدت أيضاً لدى المراهقين ، كما لفتت دراسة منشورة في Clinical Pharmacology & Therapeutics إلى أن نمط الحياة – من غذاء، رياضة، ونوم – يلعب دوراً رئيسياً في تعزيز التوازن المعوي والوقاية من الاكتئاب ، وأشارت إلى أن الالتهابات المزمنة الناتجة عن ضعف الميكروبيوم قد تكون حلقة وصل أساسية بين اضطرابات الأمعاء والمزاج.

وأوضح د.ضياء أن الحفاظ على صحة الأمعاء يتطلب أسلوب حياة متوازن يقوم على الغذاء الصحي الغني بالألياف والخضروات والفواكه، إلى جانب شرب كميات كافية من الماء، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة والدسمة التي ترهق الجهاز الهضمي ، مع الاهتمام بالنشاط البدني المنتظم الذي يحفز حركة الأمعاء ويساعد على تحسين المزاج في الوقت نفسه، فالحد من التوتر والضغط النفسي والنوم الجيد يمثلان عناصر لا تقل أهمية عن الغذاء والرياضة ، بالإضافة إلى ذلك

وللحفاظ على الصحة النفسية يجب أن يكون النظام الغذائي غني بالأوميغا 3، وفيتامينات B، والمغنيسيوم، والسيلينيوم، والألياف، والأحماض الأمينية كالتريبتوفان وتشمل الأطعمة المفيدة الأسماك الدهنية، والمكسرات، والخضروات الورقية الداكنة، والحبوب الكاملة، والبقوليات، والبيض، والزبادي، والفواكه مثل الموز ، كما ينصح بتجنب السكريات والكربوهيدرات البسيطة، والحرص على تناول الأطعمة التي تدعم صحة الأمعاء مثل الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك، فكل ذلك ، يمكن أن يلعب دورًا هامًا في تعزيز المزاج

وبيّن د.ضياء أن من الوسائل التي تعزز كفاءة عمل الأمعاء إدخال الأطعمة المخمّرة مثل اللبن والزبادي إلى النظام الغذائي، لاحتوائها على البروبيوتيك الذي يغذي البكتيريا النافعة، وكذلك الإكثار من الأغذية الغنية بالبريبيوتيك مثل الشوفان والبصل والثوم، مع ضرورة تجنب الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية التي تضر بالتوازن الميكروبي.

واختتم د.ضياء تصريحه بالتأكيد على أن صحة الأمعاء انعكاس مباشر لصحة الجسد والنفس، وأن الاهتمام بها يمنح الإنسان طاقة وحيوية وقدرة أفضل على مواجهة ضغوط الحياة اليومية، داعياً الأفراد إلى اعتماد نظام صحي متكامل يجمع بين الغذاء المتوازن، الحركة المنتظمة، الراحة النفسية، والمتابعة الطبية عند الحاجة، باعتبار أن الوقاية المبكرة تظل السبيل الأمثل لتجنب المشكلات الصحية المعقدة ، مع التنويه أن الجسم يحتاج فترة طويلة لبناء مناعة جيدة وتحسين صحة الأمعاء تقريبًا ( أقل شيء 8 أسابيع ) مما يعني أن الاستمرارية مع مدة كافية شرط لظهور النتائج.


اكتشاف المزيد من صحيفة صوت الوطن

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com