المحليات

اقتصاد سوق الإنتاج من الفكرة إلى الصفقة في مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية 2025

ديباج جابر - جدة

عُقدت كختام لأعمال مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية 2025، جلسة الاقتصاد في الإنتاج وسوق السينما بهدف استكشاف العلاقة التكاملية بين الإبداع الفني والعائد الاقتصادي، وكيفية مواءمة هذه الصناعة مع التوجهات الاستراتيجية للمملكة في تنويع مصادر الدخل ودعم قطاع الثقافة والفن.

أدار الجلسة الدكتور بندر الجعيد عضو هيئة التدريس في كلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز، واستضاف فيها نخبة من رواد سوق الإنتاج الفني في مدينة جدة: الأستاذ أيمن الشريف، الرئيس التنفيذي لشركة جذوة للإنتاج الفني، والأستاذ المثنى المعمر، رئيس شركة أورانس للإنتاج الفني.

معايير اتخاذ القرار وصفقات الإنتاج
وجه الدكتور الجعيد سؤاله إلى الأستاذ المثنى المعمر حول الإطار الذي يُتخذ بناءً عليه القرار بأن مشروعاً أو صفقة معينة ذو عائد، خاصةً في عمل الشركات كـ “مقاول” مع الجهات الحكومية والخاصة.
أوضح الأستاذ المثنى أن التقييم لا ينحصر في المردود المادي المباشر، فبعض المشاريع قد تُستهدف لغرض بناء علاقة مستدامة مع الجهة، حتى لو كان العائد المالي لا يتجاوز نقطة التعادل (Break-even). وأكد أن العائد الربحي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بـ جودة الخدمة المقدمة، خاصةً في مرحلتي الكونسيبت والفكرة، حيث أن كفاءة الفريق العامل تُعد عنصراً أساسياً ومكلفاً في عملية التقييم المالي للمشروع.
نموذج العمل، التخصص، والشراكات الفنية
من جهة أخرى أكد الحوار أهمية اختيار فريق العمل في الشركات الصغيرة، وكيفية التعامل مع التعاقدات الحرة (Freelancers). وأشارالأستاذ المثنى على أن الفكرة الإبداعية هي العنصر الذي يحدد اختيار المخرج والفريق، مشدداً على أن “نحن في زمن الشراكات”، حيث لا يمكن لأي كيان الاستغناء عن الآخر.

أما عن نموذج العمل الجيد. اتفق المتحدثون على أن التخصص هو المفتاح. فنصحوا الشركات الناشئة بـتجنب تقديم كل الخدمات، لأن عدم التخصص يُفقدها ميزة تنافسية. وبدلاً من ذلك، يجب التخصص في مجال دقيق، سواء كان الإنتاج المرئي أو مراحل ما بعد الإنتاج، مما يفتح الباب أمام الشراكات. كما تم التشديد على ضرورة مواكبة التطور التقني، خاصة في ظل دمج الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يُغير من متطلبات السوق ويُنهي الحاجة لبعض الوظائف التقليدية.

التمويل ومخاطر الصناعة السينمائية
عن دور التمويل في الصناعة فقد طرح الدكتور الجعيد تساؤلات الطلاب حول مصادر التمويل المتاحة للأفكار الصغيرة، مثل البودكاست. كانت النصيحة الجوهرية للطلاب: “اطلق إصدارك الأول حتى لو من جوال”. لا يجب التريث انتظاراً للمعدات الباهظة، بل التركيز على عمق الفكرة أولاً. وأشار الأستاذ المثنى إلى أهمية صناعة أثر وترك سمعة حلوة في المجال، مما يسهل الحصول على دعم من شركات القطاع الخاص أو الاستثمار الثقافي، مؤكداً أن الفكرة الإبداعية المكتوبة بطريقة غير رسمية وعاطفية غالباً ما تلقى دعماً أكبر.
بالانتقال إلى المخاطر، أشار الدكتور الجعيد إلى المخاطر المتأصلة في صناعة السينما. أكد الأستاذ المثنى أن الإنتاج السينمائي بحد ذاته مخاطرة، خاصةً في ظل تحديات التوزيع وحداثة ثقافة الذهاب للسينما محلياً، وصعوبة ضمان تقبل ذائقة المشاهدين. وتم ذكر تجارب لمنتجين استثمروا مبالغ كبيرة في إنتاج مواد لم تجد طريقها للتمويل أو النجاح التجاري بسبب عدم تلبية طلب السوق وفشلهم في مواكبة سرعة المتلقي الذي يبحث عن “المتعة الآنية”.

والجدير بالانتباه أن هذه الجلسة لم تخلو من جزء إدارة الأزمات كتجربة حقيقية تلهم وترشد، فقد قدم الأستاذ أيمن الشريف تجربة شركة جذوة في التعامل مع ضغط العمليات الإنتاجية، مؤكداً أن الأساس هو استيعاب الأزمة والاعتماد على قوة العلاقات في السوق. فالعلاقات الطيبة مع الفريق العامل والعميل هي رصيد يضمن تجاوز الأزمة دون أن يشعر العميل بالتوتر، مما يحافظ على فرص تكرار العمل مستقبلاً.
وانتهت هذه الجلسة بعدة مرتكزات ضرورية من الخبراء فيها للمواهب الطلابية الشابة تضمنت أهمية التخصص، بناء رأس المال الاجتماعي، الهوية الرقمية والحضور،
كما أكد الدكتور الجعيد على أن الأمل في الاقتصاد الإبداعي يكمن في ريادة الأعمال وتشجيع الشباب على خلق وظائف بدلاً من البحث عنها، مشيراً إلى أن هذه المهرجانات هي منصات أساسية لترجمة هذا الطموح إلى واقع عملي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com